دخول أولياء الأمور
العربية

تقنين استخدام طفلك للتكنولوجيا

أصبحت التكنولوجيا الحديثة جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية لأبنائنا للدرجة التي اقتربت من حد الإدمان ومعها تأتي تحذيرات عديدة بتأثيرها على الصحة العامة للأطفال في المراحل السنية المختلفة.

الأجهزة الحديثة لها العديد من المخاطر والسلبيات التي تؤثر مباشرة على أعضاء الجسم المختلفة وكذلك الصحة النفسية. لن يفلح المنع بالتأكيد لأنها أصبحت ضرورة لا غنى عنهم، لاسيما في الدراسة وبعض التطبيقات المفيدة ولكن التقنين والضبط والسيطرة أصبحت لزامًا على أولياء الأمور وربما تمتد المسئولية لتشمل المدرسة أيضًا.

مقدمة عن صحة الطفل

ينُص دستور منظمة الصحة العالمية على فقرة واضحة بخصوص الطفل نصَّها ” النشأة الصحية للطفل أمر بالغ الأهمية؛ والقدرة على العيش بانسجام في بيئة كلية متغيرة أمر جوهري لهذه النشأة”.

يحدد العلماء والمختصون صحة الطفل بأنها صحة الطفل على المستوى الجسدي ثم النفسي ثم الاجتماعي ثم الروحي. ولسوء الحظ فإن إدمان التكنولوجيا يؤثر على الأربعة مستويات.

أضرار التكنولوجيا للاطفال

مجموعة من الأعراض سوف تلاحظها على الطفل يمكنك من خلالها أن تتأكد أن مرحلة إدمان التكنولوجيا قد بدأت. ويعتبر هذا الإدمان هو أهم أضرار استخدام التكنولوجيا للأطفال. أول هذه الأعراض هو الشعور بالقلق الشديد بمجرد تعطل خدمة الإنترنت أو فصلها أو حتى بطؤها. أما العرض التالي فهو الميل إلى العزلة والعزوف عن المشاركة الجماعية والخروج من المنزل.

يظهر على الطفل بعد ذلك علامات عدم الرغبة في القيام بالأنشطة الرياضية أو الاجتماعية أو الظهور في التجمعات الأسرية، ثم في النهاية يتولد لدى الطفل عدم الشعور بالوقت مما قد يؤدي إلى حالة من الانفصال التام عن العالم الواقعي.

يصبح الطفل عرضة للاكتئاب بعد هذه المرحلة وهي تعتبر أقصى مراحل الضرر والتي قد تتطلب اللجوء إلى طبيب نفسي.

ليست الأضرار مقصورة فقط على الأضرار النفسية ولكن تشمل أيضًا أضرارًا جسدية تبدأ من النظر لشاشات الأجهزة الإلكترونية المضيئة لأوقات طويلة مما يؤثر على العين والنظر والأعصاب.

عضلات الرقبة والكتف أيضًا تتأثر بوضع التركيز في الشاشات لفترات طويلة وقد يتبعها آلام أخرى في مناطق عديدة بالجسم مثل الأيدي والكفين، وبشكل عام فإن حالة الجلوس لأوقات طويلة أمام الأجهزة أو الألعاب الإلكترونية تشجع على الخمول وقلة الحركة مما قد يؤدي إلى مرض السِمنة!

منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر!

على هامش المؤتمر الأوروبي للسمنة الذي عُقد في مدينة غلاسغو البريطانية من العام 2019 قامت منطمة الصحة العالمية بالتحذير من خطر المشاهدة المستمرة و “السلبية”، أي ترك الطفل أمام جهاز تلفزيون أو شاشة كمبيوتر، أو منحه جهاز كمبيوتر لوحي أو هاتفا محمولا لمجرد التسلية أو الإلهاء. وأدرجت استخدام التكنولوجيا لفترات طويلة كأحد أسباب أمراض السمنة في الأطفال.

 

ثم قامت بالربط بين استخدام التكنولوجيا الحديثة والبدانة في الأطفال وقامت بإصدار بعض النصائح والإرشادات الهامة في هذا الإطار:

الرضع (حتى عمر سنة واحدة):

  • يجب أن يمارس الطفل نشاطًا بدنيًا عدة مرات في اليوم، بما في ذلك 30 دقيقة يكون فيها راقدًا على بطنه.
  • عدم الجلوس أمام الشاشات إطلاقًا.

بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد وعامين:

  • ممارسة نشاط بدني ثلاث ساعات على الأقل في اليوم.
  • عدم الجلوس أمام الشاشات إطلاقًا بالنسبة للأطفال في عمر سنة واحدة، وأقل من ساعة واحدة يوميًا للأطفال في عمر عامين.

بالنسبة للأطفال في سن 3 إلى 4 سنوات:

  • ممارسة نشاط بدني ثلاث ساعات على الأقل يوميًا، بما في ذلك ساعة على الأقل من النشاط البدني المعتدل أو المكثف.
  • ساعة على الأكثر من الجلوس أمام الشاشات.

الوقت المسموح

في نفس الوقت قامت الجمعية الأمريكية لطب الأطفال بوضع إطار عام بالوقت المسموح للجلوس أمام الشاشات للأطفال:

  • الرضع حتى 18 شهرًا من العمر​- يجب ألا يكون هنالك وقت للجلوس أمام الشاشة.
  • الأطفال من عمر 18 شهرًا إلى 24 شهرًا – بعض الوقت مع أحد الوالدين.
  • مرحلة ما قبل المدرسة​- لا يزيد الوقت على ساعة واحدة في اليوم، مع وجود البالغين لمساعدتهم على فهم ما يرونه.
  • من عمر 5 إلى 18 سنة​، يظل هنا الأمر متروك للوالدين بوضع حد ووقت معين بحيث لا يتجاوز ساعتين يوميًّا، مع الموازنة بالرياضة والنوم.

إرشادات ونصائح

بشكل عام فإن هناك نصائح وإرشادات عامة يمكن اتباعها من الوالدين لتقنين استخدام الطفل للتكنولوجيا الحديثة.

  • كن قدوة للطفل، حاول قدر المستطاع أن تقلل استخدامك للأجهزة الحديثة والجوّال. الطفل يراقبك ولذلك من الصعب أن يلتزم بما لا تُلزِم نفسك به.
  • تقليل إضاءة الشاشة بحيث لا تؤثر على العين، وإتباع الوضع الأمثل للجسم أثناء مسك الأجهزة الإلكترونية.
  • العمل على إيجاد بدائل أخرى وتكون ممتعة وجاذبة للطفل، ابحث عن أفضل ما يحبه وحاول أن توفره له كبديل، تحدث معه عن أفضل ما يحبه. كل طفل له شخصية مختلفة.
  • اجعل وقت للتجمع العائلي وليكن مقدسًا، لذا يجب أن يتم تنحية كل الأجهزة الإلكترونية جانبًا في أوقات الطعام مثلًا أو في التجمعات الأسرية مع العائلة.
  • إلزام الطفل بنشاط بدني يكون جزء من حياته اليومية، مثل إلحاقه بنشاط رياضي (احرص أن يكون من اختياره) في نادي محلي بحيث يشترط الخروج من المنزل.
  • من الهام جدّا أن يتفق الوالدان مع أولياء أمور زملاء وأصدقاء الطفل لتنسيق أنشطة جماعية لهم جميعًا. ابحث عن الأصدقاء المقربين لطفلك واجعلهم قريبين منه لتكوين دائرة اجتماعية مصغرة.
  • سوف تحتاج بعض الصرامة في الالتزام بعدد الساعات المذكورة عاليه.
  • شارك الطفل بعض الأنشطة الأخرى، سوف يرحب مثلًا باللعب معك على تكوين بازل أو أي لعبة من ألعاب الذكاء- احرص على أن تكون جزء من هذا النشاط.
  • لتكن قاعدة عامة: التوقف عن استخدام التكنولوجيا قبل النوم بساعة على الأقل.
  • ركز مع هوايات الطفل لأنها مخرَج هام يمكنك الاستعانة به في تقنين استخدامه للتكنولوجيا، إذا كان يحب الرسم، أو الغناء، أو الرقص، أو التمثيل أو العزف. قم بالحاقه في دورة تدريبية لتنمية هذه المهارة. البحث عن أفضل شيء يحبه الطفل سوف يظل هو الحل الأمثل لإبعاده عن التكنولوجيا.
  • تذكر دومًا أن دورك هو التوجيه والإرشاد وليس المنع أو الحجب.

الإيجابيات

لا شك أن التكنولوجيا لها إيجابيات وأصبحت جزء حيوي من حياتنا ولا يمكن الاستغناء عنها أبدًا، خصوصَا بعد دمجها في المناهج التعليمية المتقدمة في العالم كله. شرح هذه الإيجابيات للطفل هو أمر هام جدًا بحيث لا يفهم أنها محصورة في الألعاب والفيديوهات والأغاني فقط.

اعمل مع طفلك على أن يكون جزء كبير من الوقت المسموح له أمام الأجهزة الحديثة من أجل التعليم والقراءة والاستفادة القصوى من التطبيقات المفيدة، في مقابل حصة أقل للألعاب والفيديوهات الغير مجدية!

سوف تحدث ثورة أخرى في مجال التقنية الحديثة وربما تكون التحديات أعلى وأكبر ومعها يجب أن يزيد وعي أولياء الأمور بالموازنة بين المنافع والأضرار.