دخول أولياء الأمور
العربية

كيف تعلمي أبنائك قيم الاحترام؟

غرس قيم الاحترام في طفلك هي واحدة من أهم الرواسخ التربوية التي يجب أن تنشئ في طفلك. قد يظن البعض أن التركيبة الصحيحة لتعليم الأبناء قيم وقواعد الاحترام هي الحزم والشدة المبالغ فيها، ويظن الآخرون أنها تشجيع الطفل على القسوة وتقوية شخصيته بشكل غير صحي. في الواقع فإن الحزم والشدة من أجل تعليم الاحترام سينتج عنهم طفل ضعيف الشخصية، أما تشجيع الطفل على القسوة سيربي طفل أناني لا يحترم الآخرين بالمرة، السر يكمن في إيجاد الطرق المتزنة في تعليم الطفل أهمية وقيمة الاحترام.

أنواع الاحترام

احترام الذات: للاحترام أوجه و طبقات عديدة، فنجد أن احترام الذات هو أول ما يجب أن يعيه الإنسان حتى يتمكن من احترام الآخرين. فكرة الاحترام ذاتها تعي أن نقدر قيمة الآخرين ونتفهم حقوقهم علينا و مساحتهم الشخصية، لذا إن كنت لا تدرك أن لنفسك عليك نفس الحق وأن احترام ذاتك سينعكس في سلوكياتك المحمودة، لن تتمكن من إعطاء هذا للآخرين أيضًا، حيث لا يمكنك منح الآخرين شيئ لا تمتلكه أنت.

احترام كبار السن: أيضًا واحدة من أهم مظاهر الاحترام هي احترام كبار السن، فيجب على طفلك أن يتفهم أن طريقة محادثة الأصدقاء لا يجب أن تكون نفس الطريقة التي نتحدث بها مع من يكبرونه سنًا، فعامل السن يغير كثيرًا في المترادفات التي يستخدمها طفلك وحتى نبرة الصوت و مستوى ارتفاعه.

احترام الممتلكات: كما نجد أن احترام ممتلكات الغير والممتلكات العامة هو واحد من طرق الاحترام التي يتجاهلها الكثيرون. فيجب أن تعلمي طفلك أن الحفاظ على مدرسته ونظافتها وسلامة أدواتها واحد من أوجه الاحترام الهامة. كما يمكنك أيضًا تدريبه على احترام ممتلكات الغير عن طريق استعارته لأي غرض يمتلكه أحد إخوته والحرص على إرجاعه بنفس حالته الأصلية ودون أي أضرار.

احترام المواعيد: يغفل الكبار على تعليم أبنائهم تلك الصفة الهامة، نظرًا لكونهم هم شخصيًا لا يعون أهمية احترام المواعيد في عصرنا هذا. على أبنائك أن يروا أن اصطحابهم من المدرسة في ميعاد ثابت هو ضرورة، وأن ميعاد الغداء و ميعاد النوم أشياء لا تقبل المناقشة أو التحايل. فإن نشأ أولادك على أن للمواعيد قدسية واضحة، سيكبرون وهم ملتزمون بمواعيدهم بشكل تلقائي.

احترام الوالدين: سيرسخ هذا في أذهانهم المكانة الخاصة التي يمتلكها الوالدان وكيف كرمهم الله تكريمًا عظيمًا في القرآن. عند معرفتهم لكم المجهودات والتضحية والإيثار الذي يقوم به الآباء، عندها فقط سيتفهم الأبناء أن التعامل، والحديث، والمعاملة مع الآباء يجب أن يكون لها شكلها الخاص. وعلى الرغم من كون هذا النوع من الاحترام فرضًا من الله، إلا أنه يكتسب أيضًا، فعليكي أن تظهري لأبنائك ما يشجعهم على احترامك وتقديرك حتى يكون سلوكهم الحميد ليس فقد إرضاءًا لله بل حبًا وتقديرًا.

 

كيف تغرسين مبادئ الاحترام في أبنائك؟

  • كوني قدوة حسنة: حتى وإن وضعتي ملايين الخطط، ودرستي الدورات التدريبية المتعددة في تربية الأبناء وتعليمهم الاحترام، لن تستطيعي ترسيخ عادات وسلوكيات بأبنائك لا يروها بك أنت. فكيف لهم أن يتعلموا احترام الكبير وهم يروكي أنتي وأبيهم دائمين الشجار مع آبائكم وأمهاتكم؟ لن يتمكن أبنك من احترام ممتلكات الغير على سبيل المثال دون أن يراكي أنتي تحترمي ممتلكاته وممتلكات أسرتك بالكامل. لذا لا تحاولي زرع شيئًا لا تمتلكي بذرته بك.
  • الاحترام لا يعني الخوف: لا يجب أن يخشى ابنك من الوقوع في الخطأ فقط لأنك في مرحلة تعليمه سلوكيات وآداب التعامل مع الناس واحترامهم. إن أخطئ أحد أبنائك ولم يستطع إخبارك بما أخفق فيه، هذا لا يعني نجاحًا لمنهجك التربوي، بل على العكس فإنها سقطة تربوية خطيرة. جزء من احترام أبنائك لك هو أن يعترفوا بخطئهم لتبدأي معهم رحلة تعليم تصحيح هذا الخطأ. عند اعتراف ابنك بشجاعة أنه أخطأ، يكون جزء من مهمتك قد انتهى بنجاح.
  • علميهم احترام أنفسهم أيضًا: يجب على طفلك أن يعي أن الاحترام لا يشمل الآخرين فقط، بل احترامه لذاته أيضًا. عندما يفهم طفلك ذلك سيتعلم أن سلوكياته الحسنة لا تظهر فقط عند وجود الناس، بل حتى وهو وحده، عليه أن يأخذ القرارات الصحيحة، ويتبع القوانين وأساسيات الاحترام حتى وإن كان الشاهد الوحيد عليها هو أبنك فقط، فالهدف ليس إدعاء السلوك الجيد أمام الآخرين بل إجادته في الحقيقة. سيعلم هذا طفلك أن الله شاهده وناظره الأول والأخير.
  • عرفيه على الردود المهذبة: “شكرًا”، “من فضلك”، “بعد إذنك”. كلمات اندثرت من حياتنا لذلك لم يعد يستخدمها أبنائنا مؤخرًا. عند تعليمك لطفلك الردود الصحيحة المهذبة في المواقف المختلفة، سيتمكن من تقدير الآخرين وتفهم قيمة الاحترام في حياتنا، فالكلمة الحسنة تنير الوجه وتفتح لصاحبها أبوابًا كثيرة. ومن أسهل الطرق لتعليم أبنائك هذه الكلمات دون الحاجة إلى تلقينهم إياها هي أن تستخدميها أنت معهم ومع من حولك باستمرار، عندها سوف يستخدمها أبنائك بشكل تلقائي.
  • ضعي الحدود: سن القوانين سيساعدك على توضيح الأمور لطفلك بشكل أكبر، في توضيحك الطرق المناسبة للتحدث مع الكبار، وأهمية احترام المواعيد على سبيل المثال بشكل مفصل سيسهل عليه اتباع تلك القوانين، وفهم العالم من حوله. فقط اجعلي تلك القوانين واضحة، و فكري مليًا قبل طرحها حتى لا تضطري إلى تعديلها وتغييرها مرارًا وتكرارًا مما سيهز ثقة طفلك في مهاراتك القيادية. حاولي أن تكون كلمتك بمثابة عقد لا يمكن اختراقه حتى يؤمن طفلك بأن القوانين، وطرق العقاب، والثواب التي حددتها ستحدث بالفعل وليست مجرد تهديدات.
  • امدحي سلوكه الحميد وراقبي تقدمه: عند التزام طفلك واتباعه السلوكيات الحميدة عليكي أن تبرزي ذلك وتؤكدي عليه من خلال المدح، حيث أن البشر بشكل عام واحد من أهم الأشياء التي تحركهم نحو التقدم إلى الأمام في أي شيء هو الشعور بالتقدير. يمكنك استخدام الكلمات المحمودة، أو الهدايا، أو الثناء على طفلك وسلوكياته خاصة أمام الآخرين.
  • احترام المعلم: يقول الشاعر أحمد شوقي “قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا” وذلك علمًا منه بكم الجهد الذي يبذله المعلمون. فالمعلمون يشكلون جزء كبير من شخصية ومستقبل طفلك، فالمعلم المناسب قادر على توجيه طفلك منذ الصغر إلى الطريق المهني الصحيح، كثير من العباقرة ذكروا أن بداية حبهم للفيزياء أو الكتابة على سبيل المثال بدأت من حبهم لمعلم هذه المادة بالأخص، وأن اتباعهم للقواعد كان بشكل كبير سببه المدرسة وكيف رسخت هذا في أذهانهم منذ الصغر.

 

ماذا تفعلي إن كان ابنك لا يقدس فكرة الاحترام؟

يواجه الآباء والأمهات مشكلة المقاومة والعناد في المراحل العمرية المختلفة للأطفال والمراهقين، فحتى وإن طبقتي كافة النصائح السابقة هناك احتمالات أن لا تفلح تلك النقاط مع طفلك بسهولة، أو أن تبدأي تلك الخطوات في مرحلة متأخرة فتجدي مقاومة شديدة من طفلك وامتناعه عن اتباع سلوكيات بعينها.

حتى تتمكني من تحليل ومعرفة السبب وراء سلوكيات ابنك السيئة وعدم احترامه للقوانين والعادات الحميدة عليكي أن تنظري في أبعاد تصرفاته، وعندها يجب عليكي أن تجري الحيل اللآتية:

  • التواصل: الاستماع لطفلك وكيف كان يومه يؤثر بشكل كبير على صحته النفسية، كما يساعد على إنشاء صداقة وطيدة بينك وبين أبنائك وتشجيعهم على إخبارك بالمستجدات. كما يجب عليكي أن تدعي أبنائك يتحدثون عن مشاعرهم ولماذا قاموا بهذا السلوك المحدد. فعلى سبيل المثال إذا كان أبنك لا يحترم جده ويتحدث معه بشكل غير لائق، يمكن عند التواصل معه أن تكتشفي أن الجد يقوم بالتنمر عليه دون قصد، مما يؤدي إلى سلوكيات سيئة من جانب الطفل. فعند وضع يدك على أصل المشكلة ستتمكني من حلها وتوجيه طفلك إلى السلوك الحسن.
  • التعاطف: على الأغلب تكون السلوكيات الخاطئة لأبنائنا ما هي إلا نتيجة لشئ ما يتعرض له الطفل. أشارت الدراسات أن الأطفال المتنمرة يتعرضون للعنف الأسري في المنزل مما يجعلهم عنيفين بدورهم مع الأطفال الآخرين في المدرسة، بينما الأطفال المنطوية بشدة لا تجد تواصل كافي مع آبائهم وأمهاتهم في المنزل. لذا فإن إظهار تعاطفك مع ابنك يساعد على الانفتاح والتحدث عن ما يعانيه بشكل أشجع.
  • حافظي على هدوئك: ليس بالضرورة أن يكون هناك رد فعل منكِ تجاه جميع تصرفات ابنك، كما أن يجب عليكي التحلي بالصبر والهدوء عند إبداء رد فعلك. حفاظك على هدوئك سيساعد على احتواء الموقف، وامتصاص غضب طفلك أيضًا، كما يتعلم طفلك التحكم في غضبه هو أيضًا لأنه يرى قدوته الأولى تفعل ذلك في المواقف المختلفة.
  • حللي الموقف: لماذا صرخ طفلي فجأة؟ ربما لأنني قطعت شيئًا هامًا كان يفعله؟ لماذا لم يرغب في تناول الطعام معنا  وفضل الأكل في غرفته؟ ربما لأنني قارنته بطفل آخر أو قللت من شأنه أمام الآخرين. نحن نخطئ أيضًا، و عملية التربية ليست بالأمر السهل إطلاقًا، فلا تقسي على نفسك أثناء الرحلة ولكن اعلمي أن ليست كل المساوئ من جانب أبنائك، بل نحن أيضًا كآباء و أمهات نمتلك نصيب الأسد من السقطات.
  • الجميع يخطئ وهذا طبيعي: لا تظني أن بعد تعليمك لابنك أساسيات و أهمية الاحترام أنه لن يخطئ بعد كل هذا، البشر بطبعهم خطائون وهذا أحد حقوقنا في الحياة، فلا تسلبي من طفلك حقه في التعثر والتعلم وارتكاب الأخطاء. سيكتشف أبنائك الحياة بكِ وبدونك، فاحرصي على كون دورك في رحلة الاكتشاف دور إيجابي وفعال، واعلمي أن رحمتك بهم ستجعلهم محترمون بطبعهم.