دخول أولياء الأمور
العربية

كيف تتعاملين مع الطفل العنيد؟

جميعنا عندما كنا أطفالًا و مراهقين مررنا بنوبات الغضب ومحاولات العناد الدامية التي كانت تشعرنا أننا كبار، أن مصائرنا وقراراتنا بيدينا نحن ليست بيد آبائنا، وأنه إن أردنا النوم لاحقًا يمكننا ذلك، وإن اشتهينا طعامًا غير صحيًا سوف تناوله ولن نتأثر بشئ. كانت تلك السلوكيات الخاطئة نابعة من عدم فهمنا للأمور وللحياة بشكل عام، و انصاغت عقولنا للسلوكيات الصحيحة مع مرور الوقت عند اكتشافنا أن لكل فعل عواقب، ففي المرة التي سهرنا طويلًا ليلًا فقط لأننا نريد ذلك، عانينا اليوم التالي خلال الدوام الدراسي ولم نستطع التركيز أبدًا، وعندما نضجنا لاحظنا كم تأثر الطعام غير الصحي على أجسادنا وكم استنفذ من طاقتنا، وكم الأمراض التي تسبب بها، وعندها فقط أيقنا أن أبنائنا كانوا ينصحوننا بما ينفعنا، لم يكن الأمر أبدًا من أجل التحكم أو المضايقة بل كان لصالحنا العام.

أما عندما أصبحنا آباء وأمهات، أضحينا نواجه المشاكل ذاتها، ولكن مع جيل أكثر تعقيدًا و أشرس من ناحية قوة العناد والإصرار عليه، فكلما تقدم الزمن تقدمت التكنولوجيا، وتطورت العقول، وأصبح أبناؤنا أذكى، وأقدر، وأقوى مما كنا عليه عندما كنا في مراحلهم العمرية ذاتها. لذلك فإن الصعوبات و  التلاحمات التي نواجهها كآباء وأمهات في عصرنا هذا تفوق ما واجهوه آبائنا وأمهاتنا معنا سابقًا.

وحتى نفرق بين الطفل صعب المراس، ذلك الطفل العنيد الذي تنتابه نوبات غضب ظنًا منه أنه سيحصل على مراده من خلالها وبين الطفل المصاب باضطراب العناد الشارد، علينا أولًا نتعرف أكثر عن المرض ونلاحظ أعراضه جيدًا.

ما هو اضطراب العناد الشارد؟

هو اضطراب سلوكي يصيب الأطفال وأهم ما يميزه هو النمط السلبي العدائي الذي يظهر على الأطفال ضد الوالدين، والمدرسين، والأقران بالمدرسة. نلاحظ أن الطفل المصاب بهذا الاضطراب لا يعبئ بتحطي مساحة الآخرين الشخصية و حقوقهم من أجل الحصول على مبتغاه.

ما هي أعراض اضطراب العناد الشارد؟

  • كثرة الغضب والنوبات الصارخة.
  • سهولة إثارة غضب الطفل على أتفه الأسباب.
  • رفض الانصياع للأوامر تمامًا خاصة ممن هم في سلطة “الوالدين – المدرسين”.
  • يميل للحقد، والانتقام، وأذية الآخرين.
  • يزعج الآخرين ويفتعل المشاكل عن عمد.
  • يلوم الآخرين على نتائج سلوكه العدواني.

متى يجب زيارة الطبيب؟

عندما تلاحظين تفاقم الأعراض السابق ذكرها وتكرارها بشكل كبير، عليكي أخذ الخطوة الأولي بزيارة طبيب الأطفال النفسي. العلاج السلوكي و غيرها من الطرق العلاجية النفسية ستفتح لكي ولطفلك أفق التحسن. سواء اتضح أن ما يعاني منه ابنك هو اضطراب العناد الشارد، أو أي اضطراب آخر، أو حتى أنكي تعانين في التعامل معه ولا يمكنك توجيه بالشكل الصحيح، فإن الدكتور أو المعالج السلوكي هو الخيار الأفضل لطفلك.

يساعدك العلاج على بناء علاقة أسرية إيجابية، وتعلم إدارة الأزمات والمشاكل اليومية مع طفلك، في الاهتمام بالصحة النفسية والعقلية للأطفال لا يقل أهمية عن الاهتمام به بالنسبة للكبار، بل إن صحتهم النفسية في الصغر تضمن لهم حياة مستقبلية رغدة ومتوازنة.

لماذا يلجأ الأطفال إلى العند؟

هناك أسباب سيكولوجية تدفع الأطفال للعند، فبغض النظر عن كوننا جميعًا نقوم بسلوكيات لا نفخر بها عند التعرض للضغوطات الحياتية، أو المرور بأوقات صعبة، ، لذلك قد أرجع خبراء السلوك وعلماء نفس الأطفال تلك السلوكيات إلى:

  • محاولة للفت انتباهك: إن كنتي تنشغلين عن طفلك كثيرًأ أنتِ وأبيه، فإن الطريقة الوحيدة للفت انتباهك هي الصراخ، والعند، ومحاولات افتعال الشجار، والدخول في نوبات الغضب. لذا التحدث مع طفلك وقضاء وقت أطول معه سيشعر بالأمان وبأنه لا يحتاج إلى المشاكل حتى يحصل على حفنة من انتباهك.
  • العنف الأسري: إذا أصبح طفلك هو المتنمر ذاته، فذلك دليل على أنه يتعرض لعنف أسري في المنزل. هنا عليكي التوقف عن ممارسة طرق العقاب غير السليمة مثل الضرب، و الإهانة، والتعنيف بشكل مؤذ. كل هذه السلوكيات تأتي بنتيجة عكسية مع الأطفال وتحولهم إلى مشوهين نفسيًا.
  • التعرض للتنمر: إذا لاحظتي انعزال طفلك وميله للوحدة فجأة في الفترة الأخيرة، فعلى الأغلب طفلك يواجه تنمر في المدرسة. لتتعرفي أكثر على ما يمر به طفلك يجب عليك تخصيص وقت خاص بكم يوميًا لتتحدثوا عن يومكم سويًا.
  • أطفالك يقلدونك: ربما أنتِ عنيدة جدًا بلا داع! الأطفال يرون أننا مثلهم الأعلى و بطلهم المفضل، فالأمهات والآباء مراية لأولادهم، فإذا لاحظ طفلك أنك تتصرفين بشكل ما، بشكل طبيعي منه سيتعامل أن هذه السلوكيات هي الطبيعي وأن نوبات الغضب شيء يجمعكما سويًا، بدلًأ من التفهم أن ذلك خطأ. لذا عليكي أن تكوني الصورة التي تريدين أولادك عليها.

كيف تعاقبين طفلك دون إيذائه نفسيًا

لا أحد يحب أن يعاقب، ولكن الفكرة الكامنة في العقاب هي أن يتفهم الطفل أن لكل فعل رد فعل، وأنه لا مفر من ارتكاب الأخطاء أو التصرف بشكل سيئ في بعض الأحيان، فكلنا خطائون، ولكن أمام كل سلوك سيئ هناك عواقب يجب أن يتحملها الشخص. وتأتي تلك العواقب في صورة عقاب ما ليتم الحفاظ على توازن الحياة وحتى لا يشعر أحد ما بالظلم أو أنه تم تخطيه، فإذا نهر طفلك أحدهم عليه أن يفهم أن الاعتذار يأتي أولًا ثم العقاب، حتى إذا نهره هو أحدهم لا يتهاون في ذلك وينتظر نفس رد الفعل المشرف.

ولكن يغفل الوالدان أحيانًا أن العقاب ذاته يمكن أن يكون مؤذ نفسيًا فيأتي بأضرار لا بمنافع تضفي على الطفل نوع من النضج، بل تحمله مزيد من المشاكل النفسية و الضغوطات التي لا خير بها أبدًا، لذا علينا أن نتفهم سويًا أن العقاب لا يجب أن يكون جسديًا بالمرة، وأيضًا لا يمكن أن يضر الطفل نفسيًا و إلا لا يكون عقابًا، بل اعتداء على الذات، لذلك جمعنا لكي بعض من طرق العقاب السليمة التي ينصح بها أطباء نفس الأطفال و خبراء تعديل السلوك، مثل:

كرسي العقاب: هو ركن محدد و معروف في المنزل بأنه مكان أو كرسي العقاب، يجلس به الطفل عند قيامه بسلوك مخالف لمدة معينة تحدد المدة حسب فعله الطفل ذاتها. الهدف من كرسي العقاب هو تنشيط فكرة الشعور بالذنب عند الطفل، وانه اقترف خطأ.

الحرمان من الرفاهيات: مثل لعبته المفضلة أو الجهاز اللوحي وغيرها من الأشياء التي تضفي المرح على حياة طفلك الترفيهية، سيعلمه ذلك تفهم عواقب تصرفاته و التفكير مرتين قبل اقتراف الأخطاء.

مزيد من الأعمال المنزلية: بالإضافة إلى حصة الطفل من الأعمال المنزلية اليومية، يمكنك أن توكليه بالمزيد منها عند اقترافه خطأ ما، أو قيامه بسلوك سيئ حتى يتفهم أن هذه المسئولية الزائدة هي عقاب له.